Home Bulletin Contact Us
Home > News and Events
نشرت الأخبار مقال سعادة السفير تشيان مينجيان بعنوان الحلّ الصيني لِفَكّ معضلة الأمن البشري
2023-03-01 22:15

في يوم ١ آذار، نشرت الأخبار مقال سعادة السفير الصيني في لبنان تشيان مينجيان بعنوان "الحلّ الصيني لِفَكّ معضلة الأمن البشري". فيما يلي النص الكامل:

في عالم اليوم، تتسارع التغيّرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة وتزداد المنافسة بين القوى الكبرى، وتشتدّ الصراعات الجيوسياسية، ويتخلف نظام حوكمة الأمن العالمي عن الركب بشكل كبير، حيث تواجه البلدان في جميع أنحاء العالم مخاطرَ وتحديات مختلفة نادرًا ما يشهدها التاريخ. من أجل حلّ معضلة الأمن البشري وبناء عالم أكثر أمنًا، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الأمن العالمي في عام 2022، التي تدعو إلى إيجاد طريق جديد للأمن يكرّس الحوار والشراكة والكسب المشترك بدلا من المواجهة والتحالف واللعبة الصفرية. ولاقت المبادرة فور طرحها ردودَا إيجابية من المجتمع الدولي، حيث أعربت حتى الآن أكثر من 80 دولة ومنظمة إقليمية عن تقديرها ودعمها لها.

قبل بضعة أيام، أصدرت وزارة الخارجية الصينية رسميًا "ورقة مفاهيم بشأن مبادرة الأمن العالمي" التي تشرح بشكل أعمق المفاهيم والمبادئ الجوهرية لمبادرة الأمن العالمي، وتطرح 20 اتجاهًا رئيسيًا للتعاون استجابةً لأبرز القضايا الأمنية الدولية وأكثرها استعجالًا، وتغطي الاتجاهات جوانب مختلفة مثل تفعيل الدور للأمم المتحدة، وتسهيل التسوية السلمية للقضايا الساخنة من خلال الحوار، والاستجابة للتحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، وتعزيز حوكمة الأمن العالمي. كما تعدد ورقة المفاهيم أفكار حول منصات وآليات التعاون لمبادرة الأمن العالمي. تنبثق مبادرة الأمن العالمي من سياسة الصين وممارستها في الدبلوماسية السلمية المستقلة. تسترشد المبادرة بصورة كبيرة للخطة الشاملة وتضع تدابير عملية لمواجهة تحديات الأمن العالمي. وستلعب دورا هاما في الحفاظ على السلام الإقليمي وتعزيز الأمن الدولي من الناحيتين المفاهيمية والعملية.

في الوقت الراهن، تعتبر الأزمة الأوكرانية أكثر القضايا الأمنية المقلقة في العالم. بعد مرور عام على اندلاع الأزمة الأوكرانية، أصدرت الصين وثيقة "الموقف الصيني من حل الأزمة الأوكرانية سياسيًا" ، وتوضّح فيها موقف الصين الأساسي من أزمة أوكرانيا بشكل شامل ومنهجي، ورد فيها 12 بندًا وهي: احترام سيادة جميع الدول، نبذ عقلية الحرب الباردة، وقف القتال ومنع الصراع، إطلاق مفاوضات السلام، حل الأزمة الإنسانية، حماية المدنيين والأسرى، الحفاظ على سلامة المحطات النووية، التقليل من المخاطر الاستراتيجية، ضمان نقل الحبوب، التوقف عن فرض العقوبات الأحادية الجانب، ضمان استقرار سلاسل الصناعة والإمداد، والدفع بإعادة الإعمار بعد النزاع. يرى الجانب الصيني أنّه لا يجوز السعي إلى الأمن القومي لدولة ما على حساب الأمن القومي للدول الأخرى، ولا يجوز ضمان أمن المنطقة من خلال تقوية كتل عسكرية حتى توسيعها. ويجب الاهتمام بالمصالح والهموم الأمنية المعقولة لكافة الدول ومعالجتها بشكل ملائم. يمثل الحوار والتفاوض طريقا وحيدا يمكن سلوكه لحل الأزمة الأوكرانية. يجب تشجيع ودعم كافة الجهود التي تسهم في إيجاد حل سلمي للأزمة. يمكن تلخيص موقف الصين في جملة واحدة، وهي دعم السلام وتعزيز المحادثات. طوال السنة الماضية، لم تقف الصين مكتوفة الأيدي أبدًا، ولم تصب الزيت على النار، بل حافظت على موقف عادل وموضوعي من القضية الأوكرانية وعارضت الاستفادة منها، حيث تقف دائمًا في جانب السلام والحوار وفي الجانب الصحيح من التاريخ. إنّ الصين على استعداد لمواصلة تقديم الحكمة الصينية للتسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، والعمل مع المجتمع الدولي لدفع الحوار والتشاور، ومراعاة الشواغل المعقولة لجميع الأطراف، والسعي لتحقيق الأمن المشترك.

لا يمكن الوصول إلى الأمن العالمي دون تحقيق الأمن في الشرق الأوسط. في ظل وجود عجز الأمن الخطير في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن، أصبح حماية السلام والأمان للشرق الأوسط تطلعات مشتركة  لشعوب المنطقة، وهو أيضًا اتجاه رئيسي للتعاون في تنفيذ مبادرة الأمن العالمي. تدعو الصين إلى تنفيذ المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط: الدعوة إلى الاحترام المتبادل، والالتزام بالإنصاف والعدالة، وتحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، والعمل سويا على تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التنمية والتعاون، حيث دفع بشكل مشترك إنشاء بنية أمنية جديدة في الشرق الأوسط. كما تدعم الصين الزخم الإيجابي والجهود التي تبذلها دول الشرق الأوسط لتعزيز الحوار وتحسين العلاقات، وتدعو إلى استيعاب الشواغل الأمنية المعقولة لجميع الأطراف، وتعزيز القوى المحلية لحماية الأمن الإقليمي، وتدعم دور جامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى البناء في هذا الصدد.

يتطلب الأمن في الشرق الأوسط صيانة سيادة دول المنطقة وسلامة آراضيها والالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. إن القضية الفلسطينية هي لب قضية الشرق الأوسط، فيدعم الجانب الصيني دائما القضية العادلة للشعب الفلسطيني بكل ثبات لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة. طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ الرؤية الصينية ذات النقاط الأربع لحل القضية الفلسطينية، حيث أكد بكل وضوح على أن الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، كما أن التطلعات لإقامة دولة مستقلة لا تقبل رفضا. تصاعدت التوترات مؤخرًا بين فلسطين وإسرائيل، الأمر الذي أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين. يدين الجانب الصيني جميع الهجمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين ويعارض الاستخدام المفرط للقوة. ستواصل الصين التحدث بعدالة من أجل فلسطين في المناسبات الدولية المتعددة الأطراف، وتقديم المساعدة لفلسطين ضمن قدراتها، ودفع الاستئناف المبكر لمحادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، والعمل الجاد من أجل تسوية شاملة وعادلة ودائمة للقضية الفلسطينية.

تضرب الصداقة الصينية اللبنانية جذورها في أعماق التاريخ. تدعم الصين دائما لبنان بشدة في حماية سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه وفي الحفاظ على أمنه واستقراره الوطنيين. على مدى السنوات الـ17 الماضية، شاركت الصين بنشاط في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، وأرسلت21 دفعة من قوات حفظ السلام، وبذلت جهودًا متواصلة للحفاظ على أمن في لبنان والمنطقة. إنّ الجانب الصيني مستعد للعمل مع لبنان بشكل مشترك لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه قادة البلدين في الرياض. وسيواصل الجانب الصيني التحدث بعدالةعن والهموم الأمنية اللبنانية مثل السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي في المناسبات الدولية المتعددة الأطراف، وتنفيذ بإخلاص مهمته في حفظ السلام في لبنان على أساس المبادئ الثلاثة المتمثلة في موافقة الأطراف المعنية، والحفاظ على الحياد وعدم استخدام القوة إلا في حالة الدفاع عن النفس والدفاع عن التفويض، وذلك يدفع تنفيذ مبادرة الأمن العالمي على أرض لبنان الشرق الأوسط.

إن الصين ستسير دوما على طريق التنمية السلمية، ولن تسعى أبدا إلى الهيمنة أو التوسع أو مناطق النفوذ، ولن تنخرط في سباق التسلح، وتتمسك بدورها كحارسة للسلام العالمي. تتطلع الصين إلى العمل مع جميع دول العالم، بما فيها لبنان، للسير في الاتجاه الذي أشارت إليه مبادرة الأمن العالمي، وممارسة التعددية الحقيقية، وحماية العدالة والإنصاف الدوليين، والحفاظ بشكل مشترك على سلامة شعوب العالم، وتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.



[ Suggest To A Friend ]
       [ Print ]