في يوم 26 حزيران، نشرت الأخبار مقال سعادة السفير الصيني في لبنان تشيان مينجيان بعنوان "تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية وتعزيز التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارتين الصينية واللبنانية". فيما يلي النص الكامل:

طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مُبادرة الحضارة العالمية في الاجتماع رفيع المستوى لحوار الحزب الشيوعي الصيني مع الأحزاب السياسية العالمية الذي عقد في آذار من هذا العام، مُؤكّدًا أنّه يجب أن ندعو سويا إلى احترام تنوع الحضارات في العالم، والتمسك بالمساواة والتنافع والتحاور والتسامح بين الحضارات، والتحاور والتسامح بين الحضارات، وتجاوز الفوارق والصراعات بين الحضارات والتفوق الحضاري عبر التواصل والتنافع والتسامح بين الحضارات. علينا أن ندعو سويا إلى تكريس القيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، التي تعد من التطلعات المشتركة لشعوب العالم، فمن المهم أن تبقى دولة منفتحة لفهم محتويات القيم لدى الحضارات الأخرى، بدلا من فرض القيم والأنماط لنفسها على الغير أو ممارسة المجابهة الأيديولوجية. علينا أن ندعو سويا إلى الاهتمام بتوارث الحضارات وإبداعها، وتكريس القيمة العصرية لتاريخ كافة الدول وثقافاتها بشكل كامل، والدفع بتحقيق التحول المبتكر والتطور المبدع للثقافات التقليدية المتميزة لكافة الدول في عملية التحديث. علينا أن ندعو سويا إلى تعزيز التواصل والتعاون الدوليين في المجال الإنساني والثقافي، والتباحث في بناء شبكة التعاون للحوار بين حضارات العالم، وإثراء مقومات التواصل وتوسيع قنوات التعاون وتعزيز التعارف والتقارب بين شعوب العالم، بما يدفع بتطور الحضارة البشرية وتقدمها. 

إن مباردة الحضارة العالمية تغني وتوسع سبل الممارسة لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية مما يوفر مزيدا من الإرشاد والألهام الفكري لاتجاه تقدم المجتمع البشري.

يتطلب التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات الدعوة بشكل مشترك إلى احترام تنوع الحضارات في العالم. وكما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه في مقر اليونسكو، إن الحضارات متنوعة ومتساوية وشاملة، والتنوع والمساواة والشمول التي تتمتع بها تقدم قيمة وظروفا وقوة دافعة للتبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات البشرية. الحضارة ليس لديها تمييز بين الأعلى والأدنى، المتفوق أو الأدنى، هناك فقط اختلافات في الخصائص والمناطق. إن حضارة الصين الرائعة التي تمتد لخمسة آلاف سنة تُبهر كل من اختبرها، وحضارة لبنان ذات التاريخ العريق خلّابة أيضًا. يخبرنا التاريخ أنّ الحضارات قادرة على التعايش، وقادرة على التكامل من خلال التواصل، والتقدّم من خلال التكامل. وراء كلّ من يُروّج نظرية صراع الحضارات اعتبارات للمصلحة الذاتية، لذلك يجب أن نتمسك بتجاوز الفوارق والصراعات بين الحضارات والتفوق الحضاري عبر التواصل والتنافع والتسامح بين الحضارات.

يتطلب التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات الدعوة بشكل مشترك إلى تكريس القيم المشتركة للبشرية. وأشار الرئيس شي جين بينغ إلى أنّ السلام والتنمية هي قضيتنا المشتركة، والإنصاف والعدالة هي مُثلنا المشتركة، والديمقراطية والحرية هي مسعانا المشترك. تمتدّ القيم الانسانية المشتركة على صعد متعددة بين الأفراد والبلدان والعالم، وتتضمن نقاطًا مشتركة لمفهوم القيم وإدراكها في الحضارات المختلفة، ويعتبرها المقياس الحقيقي للحكم بين الصواب والخطأ، والخير والشر، والجمال والقبح في عالم اليوم، كما ترسم دوائر متحدة المركز للقيم تتجاوز التفاوت والاختلافات، مما يُبرز الرغبة الجماعية لشعوب جميع البلدان في حياة أفضل. أمّا في ظل التغيرات العالمية، فينبغي على شعوب جميع البلدان أن يفهموا ويحترموا حضاراتهم وقيمهم بشكل كامل، وأن يدعوا سويا إلى عدم المواجهة والإغلاق وعدم القيام بلعبة محصلتها صفر بغية تشكيل القاسم المشترك الأكبر لبناء عالم أفضل.

يتطلب التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات الدعوة بشكل مشترك إلى الاهتمام بتوارث الحضارات وإبداعها. كما يقول الصينيون ”تتيح لنا مراجعة الماضي التعرف على القانون الذي يحكم تطور التاريخ“. كلّ حضارة هي استمرار روح البلد والأمّة ودمها، وغالبًا ما يكون تاريخ تطور كلّ بلد هو كذلك تاريخ تقدّم الحضارة، فمن الضرورة تمريرها كشعلة جيلا بعد جيل وحراستها على مرور الزمن، وتَبَنّيها في مواكبة العصر والشجاعة في الابتكار. إنّ توارث الحضارات وإبداعها يعزّزان الثقة بالنفس من الناحية الثقافية لدى البلد ويوفران موارد أيديولوجية وثقافية غنية لعملية التحديث. تحرص الصين على الجمع بين المبادئ الأساسية للماركسية والواقع الصيني الملموس والثقافة الصينية التقليدية الممتازة لتعزيز التحول الإبداعي والتطور الابتكاري للثقافة الصينية التقليدية الممتازة، واستخدام روح العصر في تنشيط حيوية الثقافة التقليدية الصينية الممتازة، وتحقيق التعلم المتبادل مع الحضارات الأخرى في العالم، وإثراء حديقة الحضارات العالمية.

يتطلب التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات الدعوة بشكل مشترك إلى تعزيز التواصل والتعاون الدوليين في المجال الإنساني والثقافي. يدعو الجانب الصيني إلى دفع التباحث في بناء شبكة التعاون للحوار بين حضارات العالم، وإثراء مقومات التواصل وتوسيع قنوات التعاون  وتعزيز التعارف والتقارب بين شعوب العالم، بما يدفع بتطور الحضارة البشرية وتقدمه. في 6 حزيران من هذا العام، عقدت السفارة الصينية في لبنان "مؤتمر الحوار للتبادل والتعلم المتبادل بين الحضارتين الصينية واللبنانية" في لبنان، وحضر المؤتمر وفدٌ ترأّسه عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني رئيس معهد تاريخ وأدبيات الحزب للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تشيو تشينغ شان، حيث قدّم شرحًا معمقًا عن مضمون مبادرة الحضارة العالمية للأصدقاء اللبنانيين القادمين من جميع مناحي الحياة. يُعتبر هذا الحوار محاولة بين الصين ولبنان لإجراء تبادلات ثقافية متعمقة. وستواصل الصين في المستقبل تنفيذ مشروع المعهد الوطني اللبناني العالي للموسيقى )الكونسرفتوار( ، وإنشاء المزيد من الجسور للتبادلات الثقافية بين البلدين، والاستمرار في كتابة فصول جديدة في ملف الصداقة التقليدية بين الصين ولبنان خلال التعاون والتواصل.

الحضارة هي أعمق تراكم تاريخي وثقافي وروحي لكلّ أمة، وجذور تنمية الدولة وأمنها راسخة في تراب حضارتها، فالحضارة هي الدعم الأساسي للأمن والتنمية. إنّ تعزيز التبادل بين الحضارات العالم سيجعل التنمية والأمن العالميين أكثر صلابة واستدامة في حديقة الحضارات. اليوم، عندما يترابط مستقبل ومصير جميع البلدان ترابطًا وثيقًا، تدعو الصين إلى احترام تنوع الحضارات في العالم وتعزيز التواصل والتعاون الدوليين في المجال الإنساني والثقافي، مستعدةً لتوفير المزيد من الفرص والمنصات لتعزيز التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات البشرية.

الصين ولبنان حضارتان قديمتان ذاتا تاريخ عريق، وكلاهما قدمتا مساهمات مهمة للحضارات البشرية. يتمتع الجانبان الصيني واللبناني بتربة حضارية عميقة ونطاق تاريخي واسع في مجال تعزيز حوار التعلم المتبادل بين الحضارتين والتبادل المتعمق للخبرات في بناء التحديث. نحن عازمون على تعزيز التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارتين الصينية واللبنانية ومعارضة نظرية تفوق الحضارات ونظرية صراع الحضارات بجميع أشكالهما، واستفادة واستيعاب بلب حضارة الجانب الأخر انطلاقا من موقف الاحترام والتواضع كي يجعل التبادل والتعلم المتبادل بين الحضارتين جسورا يعزز صداقة شعبي البلدين ويوفر تغذية معنوية للتعاون بين البلدين.